الاثنين، 12 يناير 2015

هل الانسان مخير ام مسير ؟ وهل بامكانه تطويع الظروف ام هو نتيجة لها ؟




لإجابة على هذا السؤال لم أجد أفضل من كلمات الدكتور مصطفي محمود المأخوذة من كتابه " في الحب والحياة " ..
يقول تعليقاً على قصة زميله أيام الدراسة , يقول الدكتور مصطفي محمود :
ليس عذابه في ظروفه وفقره وإيراده الصغير .. وإنما عذابه في نفسه هو .. هناك ملايين الفقراء يعيشون مثله .. وأقل منه ولا يحسون بنفس تلك الإحساسات .. إن عذابه في عناصر شخصيته التى تتأرجح إلى جوار بعضها ويشعل كل واحد منها الآخر ..رغبة حادة بلا عقل .. وشهوة بلا ضابط .. وأحلام بلا وسائل وأمنيات ملحة وإرادة عقيمة .. وإحساسات مرهفة وأفق ضيق .. ولهفة مشبوبة .. وصبر نافد ..
وكلها تصطدم في النهاية وتتحول لأسباب الشقاء والحقد .. ولا تتحول إلى عمل وفاعلية أبداً ..وهو بعوده النحيل ووجهه الشاحب الهضيم يبدو دائماً كمشروع جريمة .. أنا لا أؤمن ان الإنسان عبد للظروف وأنه مسير ولا إختيار له على الإطلاق ..
ظروف الفقر والجهل والمرض والتربية السيئة لا تحتم الفشل في نظري .. بل هي أحياناً تؤدي إلى النبوغ والخير والعبقرية .. لأن العامل الحاسم هو دائماً الظروف الداخلية .. الظرف النفسي ..
وأخطر ظروف الجريمة , هو المجرم نفسه .. وأخطر دوافع الجريمة هو المجرم نفسه .. هي اللحظة الحاسمة التى تصل فيها شخصيته لدرجة الغليان وتفور عناصرها لتفقده صوابه ..
هذه العملية الداخلية المستترة في نفوسنا .. النية .. والإحساس .. والإنفعال .. والتصور .. والتردد .. والعزم .. والندفاع .. هي مفتاح مصيرنا ..
وطالما سألت نفسي : هل الإنسان يستطيع السيطرة على هذه العملية .. ؟؟
أعتقد أنه يستطيع ..
أعتقد أن حبل الحرية ممدود في نفوسنا وأننا نستطيع أن نلوذ به دائماً .. يد الله تمد لنا هذا الحبل دائماً ولكننا لا نراها .. في أعماقنا طاقة ضوء نستطيع أن نطل منها ونستنجد ..
لسنا حجرات مغلقة مظلمة .. تحتوى على الظروف . وتعكس مؤثرات البيئة فقط بدون حرية وبدون تصرف وبدون إرادة .. ولسنا حفراً تتجمع فيها الظروف والفقر والجهل والمرض والأبواب المسدودة ..
هتاك الجرية دائماً في قاع المشكلة .. وهناك يد الله ورحمته .. لسنا كعيدان القش تحملنا الامواج .. ويقذف ينا التيار .. وإنما نحن نستطيع أن نسير ضد الريح .. ونسيح ضد التيار .. وضد الظروف الغير مواتية أحياناً ..
إن الشجرة وهي نوع بسيط من أنواع الحياة .. تنمو إلى فوق ضد الجاذبية .. والعصارة تجري فيها إلى فوق ضد الجاذبية الأرضية .. وضد قوانين السوائل والضغط الجوي ..وضد الظروف الفيزيقية ..
وهي تقف صلبة سامقة ضد الريح .. لا تنحني للطبيعة .. وهي شجرة عاجزة عمياء مزروعة في الأرض مقيدة بجزورها .. فما بال الإنسان سيد الكائنات الحية جميعاً .. وله ساقان يجري بهما .. وعينان يبصر بهما .. وعقل يفكر به .. وقلب يحس به ..
يقول الدكتور مصطفي محمود : أنا لا أصدق أبداً خرافة المصير المحتوم .. والظروف التي تضرب على الناس الذلة والمسكنة .. فلا يبقي لهم إلا الشكوى والسباب .. والجريمة ..
هناك حل دائماً .. هناك مخرج .. طالما أن هناك إيمان .. والمشكلة ليست الظروف ..
الظروف تتشابه في العائلة الواحدة .. ومع هذا يفترق الإخوة على طريق المصير ..واحد ينبغ .. والآخر يرتكب جريمة قتل .. والثالث يشحذ .. والرابع يدمن المخدرات ..
المشكلة هي الإنسان ..
الأنسان هو الظرف الحاسم ..والعامل المهم في الحياة ..
وحينما تنسد كل الأبواب أمامه يظل هناك باب مفتوح في داخله .. هو الباب المفتوح على الرحمة الإلهية ..
وحينما يصرخ من اليأس .. .. فلأنه أغلق بيده هذا الباب أيضاً .. وأعطي ظهره لربه ولخالقه ..
ويقول :
أنا أعتقد صاحبي يستطيع أن يفعل شيئاً .. يستطيع ان يكف عن الشروع في جريمة  ويبدأ في الشروع في عمل آخر ناجح.
من كتاب : في الحب والحياة للدكتور مصطفي محمود يمكنك قرآته من هنا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق